تتسبب الصواعق البرقية بارتفاعات هائلة في الجهد والتيار وقد تتعرض المباني والمحطات الكهربائية بما فيها من الآت لهذه الصواعق الخطيرة، لذا يعتبر نظام الوقاية من الصواعق (Lightning Arrester) ضروري جدًا لضمان السلامة من خطر الصواعق للمباني والأجهزة وللبشر.
ما هي الصاعقة الكهربائية؟
يُعرف التفريغ الكهربائي بين السحب والأرض أو بين السحب وبعضها أو بين مراكز الشحنات لنفس السحابة باسم البرق أو الصاعقة (Lightning).
البرق هو شرارة ضخمة تحدث عندما يتم شحن السحب لمثل هذا الجهد العالي (شحنات موجبة أو سالبة) مع الأرض أو مع سحابة مجاورة بحيث يتم تدمير شدة العازلية للوسط المحيط (الهواء).
هناك العديد من النظريات التي تشرح كيف تكتسب الغيوم الشحنة، ومن النظريات الأكثر قبولًا هو أنه أثناء اندفاع الهواء الرطب الدافئ من الأرض، يحدث احتكاك بين الهواء وجزيئات الماء الصغيرة يعمل على ظهور وتراكم كمية هائلة من الشحنات.
عندما تتشكل قطرات الماء تصبح القطرات الأكبر مشحونة بشحنات موجبة وتصبح القطرات الأصغر سالبة الشحنة.
عندما تتراكم قطرات الماء فإنها تشكل غيومًا، وبالتالي قد تمتلك السحابة شحنة موجبة أو سالبة، اعتمادًا على شحنة قطرات الماء التي تحتويها، وفي المقابل تظهر شحنات موجبة أيضا على المباني العالية المقابلة للسحابة.
وهذا يعني أن الهواء بين السحابة والأرض قد أصبح يمثل مكثف هوائي مشحون، فإذا زاد فرق الجهد بين طرفي هذا “المكثف” الافتراضي عن جهد الانهيار للهواء (حوالى kV/cm30 ) فسيحدث تفريغ للشحنة على صورة شرارة بين السحابة والأرض ونطلق على هذا التفريغ برقًا.
ويتمدد الهواء نتيجة الحرارة العالية الناتجة عن البرق بسرعة فيحدث صوت الرعد المعروف، وقد يحدث البرق بين سحابة وأخرى وهو الغالب أو حتى بين طبقات السحابة الواحدة.
ورغم قصر مدة التفريغ إلا أنها تكون كافية لانهيار العزل لأي من الموصلات على الأرض إذا وصلت الصاعقة إليه. وللحماية من هذه الصواعق تركب موانع للصواعق في المباني السكنية، والمحطات الكهربائية.
ماهي مانعة الصواعق؟
مانعة الصواعق هو نظام وقاية من ضربات الصواعق يعمل على امتصاص الصاعقة وتوفير مسار مباشر لتيار الصاعقة إلى الأرض.
وتتكون مانعة الصواعق من مستقبل معدني واحد أو أكثر للصواعق، وموصل تأريض يصل بينها وبين دائرة التأريض.
وتختلف مانعات الصواعق المستخدمة في المباني عن تلك المستخدمة في المحطات الكهربائية ولكنها تعمل بنفس المبدأ.
من هو مخترع مانعة الصواعق؟
قام العالم الأمريكي بنجامين فرانكلين بتفسير علاقة البرق بالكهرباء بتجربة عملية أجراها عام 1752م، وبعدها اخترع قضيب مانع الصواعق يعمل على امتصاص الصاعقة وتمريرها إلى الأرض، وما تزال فكرة عمل مانعات الصواعق التي ابتكرها معمول بها إلى الان.
مانعة الصواعق في المباني السكنية
كلما كانت المباني أطول، يصبح البرق أكثر تهديدًا، يمكن أن تتسبب ضربات البرق في تدمير هياكل المباني المصنوعة من معظم المواد، مثل الخشب، والخرسانة، والحديد، وكذلك يمكنها ان تصل إلى الأجهزة المنزلية وتتلفها بالكامل لأن التيارات والفولتية الهائلة للبرق يمكن أن تسخن المواد إلى درجة حرارة عالية.
تم تصميم نظام الحماية من الصواعق لحماية الهيكل من التلف الناتج عن الصواعق من خلال اعتراض مثل هذه الضربات وتمرير التيارات العالية للغاية إلى الأرض بأمان.
يشتمل نظام الحماية من الصواعق على مستقبل للصواعق مدببة توضع في أعلى نقطة بالمبنى وتتصل بنظام تأريض مصمم لتوفير مسار منخفض المقاومة للأرض من أجل تمرير الضربات المحتملة.
فإذا اقترابت سحابة من المبنى وقامت بتفريغ شحنتها، يأتي دور مانعة الصواعق لتجذب الشحنات الكهربائية الهائلة وتمررها إلى الأرض عبر نظام التأريض حيث أن مقاومته تكون صغيرة ومن السهل على التيار المرور فيه بدلًا من المرور عبر المبنى.
مانعة الصواعق في المحطات الكهربائية
قد تنشأ حالات زيادة للجهد والتيار في نظام الطاقة بسبب عمليات الفتح والإغلاق للقواطع الكهربائية والتي نسميها (Surge) أو لأسباب أخرى، ولكن الارتفاعات الأكثر أهمية وخطورة هي تلك التي تسببها الصواعق.
قد تتسبب موجات الصواعق في حدوث أضرار جسيمة للمعدات باهظة الثمن في نظام الطاقة (مثل المولدات والمحولات وغيرها) إما عن طريق الضربات المباشرة على المعدات أو عن طريق الضربات على خطوط النقل التي تصل إلى الجهاز كموجات متنقلة. ومن الضروري توفير الحماية ضد كِلا النوعين من الزيادة المفاجئة في التيار والجهد.
مبدأ عمل مانعة الصواعق Surge arresters
لكل عازل كهربائي جهد انهيار معين، عندما تصل الفولتية لهذه القيمة يحدث انهيار للعازل ويصبح موصل للتيار، وتبلغ عازليه الهواء 3kV/mm، اذا كانت الفولتية على سلكين بينهما مسافة ملمتر واحد أكبر من 3kV سيبدأ عندها الهواء بالتأين وتحدث شرارة، ويصبح الهواء موصل للتيار الكهربائي.
تتكون مانعة الصواعق من فجوة هوائية متصلة على التوالي مع مقاومة غير خطية، يتم توصيل أحد طرفي مانعة الصواعق بطرف الجهاز المراد حمايته والطرف الآخر مؤرض.
يتم ضبط طول الفجوة بحيث لا يكون جهد الخط الطبيعي كافيًا لانهيار عازلية الهواء وحدوث القوس الكهربي عبر الفجوة.
ولكن الجهد العالي الخطير تكون قيمته أعلى من جهد الانهيار ويتسبب بانهيار عزل الهواء ويشكل قوسًا كهربائيًا. وتمتاز المقاومة غير الخطية أن مقاومتها تتناقص مع زيادة الجهد (أو التيار) والعكس صحيح، فتعمل على تفريغ التيار والجهد الزائد إلى االأرض عند إرتفاع قيمة التيار والفولتية.
في ظل التشغيل العادي، تكون مقاومة مانعة الصواعق عالية ولا تقوم بتمرير أي تيار إلى الأرض أي أن الفجوة غير موصلة في هذه الحالة.
عند حدوث زيادة في الجهد، ينهار عزل الهواء عبر الفجوة ويتشكل قوس، مما يوفر مسارًا منخفضًا للتيار للمرور إلى الأرض، وبهذه الطريقة، فإن الشحنات الزائدة على الخط بسبب زيادة التيار يتم تمريرها بشكل آمن من خلالها إلى الأرض.
أنواع مانعات الصواعق
هناك عدة أنواع من مانعات الصواعق تختلف فقط في التفاصيل التركيبية ولكنها تعمل على نفس المبدأ وهو توفير مسار منخفض المقاومة للارتفاعات في الجهد والتيار ومنها مايلي:
Rod Gap Arrester
من ابسط أنواع مانعات الصواعق وتتكون من قضيبين طولهما 1-5 سم، أطرافهما منحنية بزاوية قائمة مع وجود فجوة (gap) بينهما كما هو موضح في الصورة
ويكون أحد القضبان متصل بدائرة الخط والآخر متصل بالأرض. ويجب ألا تقل المسافة بين الفجوة والعازل (أي المسافة P) عن ثلث طول الفجوة حتى لا يصل القوس (arc) إلى العازل ويتلفه.
ويتم ضبط طول الفجوة بحيث يجب أن يحدث الانهيار عند 80٪ من جهد الشرارة (spark- over voltage) لتجنب حدوث ارتفاع حاد للموجة (ارتفاع للجهد بشكل كبير في مدة زمنية قصيرة) عبر العازل.
غالبًا ما تحتوي عوازل البورسلين (bushing) في المحولات على (rod gap) عبرها. كما في الصورة، في ظل ظروف التشغيل العادية تظل الفجوة غير موصلة. وعند حدوث ارتفاع في الجهد على الخط لأي سبب، يحدث انهيار للفجوة ويتم توصيل التيار الزائد إلى الأرض. وبهذه الطريقة، فإن الشحنات الزائدة على الخط بسبب الارتفاع المفاجئ في التيار يتم تفريغها إلى الأرض بشكل آمن.
العيوب
- بعد انتهاء الـ (surge)، يستمر القوس المتولد في الفجوة بواسطة جهد التغذية العادي، مما يؤدي إلى حدوث دائرة قصر في النظام.
- قد تذوب القضبان أو تتضرر بسبب الحرارة الزائدة الناتجة عن القوس.
- يتأثر أداءها بالظروف المناخية (مثل المطر والرطوبة ودرجة الحرارة..)
- تؤثر قطبية الـ (surge) أيضًا على أداءها.
نظرًا للعيوب المذكورة أعلاه، يتم استخدام Rod Gap Arrester فقط كحماية “احتياطية” مع وجود الحماية الرئيسية.
Horn Gap Arrester
يتم استخدامها على خطوط الجهد المنخفض بسبب بساطت تركيبها، تتكون من زوجين معدنيين على شكل قرنين A و B بينهما فجوة هوائية صغيرة. يتم تصميم القرنين بحيث تزداد المسافة بينهما تدريجياً نحو الأعلى كما هو موضح في الصورة.
ويتم تثبيتها على عوازل البورسلين، يتم توصيل أحد طرفيه بالخط من خلال المقاومة R وملف الخنق L بينما يتم تأريض الطرف الآخر.
تساعد المقاومة R في الحد من تدفق التيار إلى قيمة صغيرة، ويوفر ملف الخنق (Choke coil) مفاعلة صغيرة عند التردد العادي (50/60Hz) ولكن يوفر مفاعلة عالية جدًا عند الترددات العابرة (transient frequency)، وبالتالي فإن الملف لا يسمح بدخول الترددات العابرة إلى الجهاز وبهذا يعمل على حمايته.
يتم ضبط طول الفجوة بين طرفي المعدن بحيث لا يكفي جهد الخط الطبيعي لإحداث قوس عبر الفجوة، في ظل الظروف العادية ، تكون الفجوة غير موصلة، أي أن جهد الخط العادي غير كافٍ لبدء القوس بين الفجوة.
وعند حدوث جهد زائد له قيمة أكبر من جهد الانهيار للفجوة، يحدث الانهيار مع شرارة (وميض) عبر الفجوة وتصبح موصلة، عند ضِعف الجهد الطبيعي تقريبًا.
المزايا
- يتم اخماد القوس ذاتيًا، لذلك لا يتسبب هذا النوع من الصواعق في حدوث قصر في الدائرة للنظام بعد انتهاء الـ surge كما في النوع السابق.
- تساعد مقاومة التوالي في الحد من مرور التيار إلى قيم صغيرة.
العيوب
- قد يؤدي سد الفجوة من قبل الطيور مثلًا إلى جعل الجهاز عديم الفائدة.
- من المحتمل أن يتغير جهد انهيار الفجوة بسبب التآكل وهذا يؤثر سلبًا على أداء مانعة الصواعق.
- وقت العملية طويل نسبيًا، حوالي 3 ثواني، نظرًا لوقت التشغيل القصير جدًا لمعدات الحماية الحديثة، فهذه المدة طويلة جدًا.
نظرًا للعيوب المذكورة أعلاه، فإن هذا النوع غير موثوق به ولا يمكن استخدامه إلا كخط دفاع ثانٍ مثل الـ Rod Gap.
مانع صاعقة صمامي (Valve Lightning Arrester)
تحتوي مانعات الصواعق من نوع الصمامات على مقاومات غير خطية وتستخدم على نطاق واسع في الأنظمة التي تعمل بجهد كهربائي عالي يصل إلى 440kV، وتتكون من فجوات (spark gaps) على التوالي مع مقاومة غير خطية (nonlinear resistors)، تتصل العناصر غير الخطية على التوالي مع الفجوات، وتكون موضوعه داخل عازل خزفي محكم.
تكون قيمة المقاومة غير الخطية كبيرة جدًا في الحالة العادية أي عند جهد التشغيل الطبيعي، وعند ارتفاع الجهد او التيار تصبح قيمتها منخفضة جدًا وتسمح بتمرير التيار.
بينما الفجوات يكون لها فراغات بمسافة ثابتة، بحيث تمنع مرور التيار في الحالة العادية وعند زيادة الجهد بسبب الصاعقة أو الـ ينهار عزل الهواء في الفجوة وتصبح قيمة المقاومة صغيرة جدًا وتعمل على تمرير التيار إلى الأرض.
Metal-Oxide Arrestor
يعد من أكثر مانعات الصواعق استخدامًا في أنظمة الطاقة الحديثة، يتكون من عدد من الأقراص المعدنية المتصلة بالتوالي والمصنوعة من أكسيد الزنك (Zinc Oxide) والذي يتمتع بمقاومة غير خطية عالية. نظرًا لامتلاكه خصائص عالية من عدم الخطية في المقاومة على مدى تيار كبير ، تم الاستغناء عن الفجوة في مانع الصواعق هذا.
و بذلك تم التخلص من مشكلة الحرارة المرتفعة التي كانت تنتج من حدوث الانهيار للفجوة (spark gaps)، ومن مميزاتها تقليل احتمالية الفشل التي كانت تحدث نتيجة لتغير جهد الانهيار (breakdown voltage) للفجوة بسبب تغير أحد الظروف الجوية كالضغط أو درجة الحرارة أو التلوث.
ويمتاز أكسيد الزنك (Zinc Oxide) بإمكانية استعادة مقاومته بعد أن يحدث لها انهيار بمجرد انخفاض الفولتية للقيمة الطبيعية، مما يوفر حماية و أداء أفضل للـ arrestor.
ويتم تحديد أبعادها بحيث لا تتجاوز القيمة القصوى (peak value) لجهد الطور إلى جهد الأرض (phase to ground) في التشغيل العادي مجموع الفولتية المقننة (rated voltages) للأقراص المتصلة بالسلسلة (discs). في ظل ظروف التشغيل العادية،
أي عندما لا يكون هناك surge، يوفر مانع الصواعق مقاومة عالية (ما لانهاية تقريبًا). وعند حدوث زيادة في الجهد على الخط، يستجيب مانع أكسيد الزنك بسرعة كبيرة للزيادة العالية في الجهد عن طريق تقليل مقاومته.
نظرًا لأن مانع الصواعق متصل بين الطور والأرض، فإن التيار الكبير جدًا الناتج عن الارتفاع المفاجئ يتم تصريفه إلى الأرض، ومن ثم يتم تحويل الجهد الزائد بأمان إلى الأرض ويمتص طاقة الـ (surge).
بمجرد أن يصل النظام إلى الجهد المقنن العادي، يوفر مانع الصواعق مقاومة عالية ويعمل كدائرة مفتوحة (Open circuit)، وبالتالي يبقى جهد النظام غير متأثر في الظروف العادية.
المراجع
Principles of Power System (V.K. Mehta & Rohit Mehta)
بارك الله فيكم.